الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَجَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَةٍ وَزَوْجَةِ أَبِيهَا، وَزَوْجَةِ ابْنِهَا وَابْنَةِ عَمِّهَا لَحًّا، لأََنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِتَحْرِيمِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ. وَكَذَلِكَ تَحِلُّ لَهُ امْرَأَةُ زَوْجِ أُمِّهِ، وَفِي هَذَا خِلاَفٌ قَدِيمٌ لاَ نَعْلَمُ أَحَدًا يَقُولُ بِهِ الآنَ. وَكَذَلِكَ يَجُوزُ نِكَاحُ: الْخَصِيِّ، وَالْعَقِيمِ، وَالْعَاقِرِ، لأََنَّهُ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِنَهْيٍ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَلاَ يُحَرَّمُ وَطْءُ حَرَامٍ نِكَاحًا حَلاَلاً إِلاَّ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ: وَهُوَ أَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِامْرَأَةٍ، فَلاَ يَحِلُّ نِكَاحُهَا لأََحَدٍ مِمَّنْ تَنَاسَلَ مِنْهُ أَبَدًا. وَأَمَّا لَوْ زَنَى الأَبْنُ بِهَا ثُمَّ تَابَتْ لَمْ يَحْرُمْ بِذَلِكَ نِكَاحُهَا عَلَى أَبِيهِ وَجَدِّهِ. وَمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ إذَا تَابَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا، أَوْ ابْنَتَهَا وَالنِّكَاحُ الْفَاسِدُ وَالزِّنَا فِي هَذَا كُلِّهِ سَوَاءٌ. برهان ذَلِكَ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: قال أبو محمد: النِّكَاحُ فِي اللُّغَةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ يَقَعُ عَلَى شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْوَطْءُ، كَيْفَ كَانَ بِحَرَامٍ أَوْ بِحَلاَلٍ. وَالآخَرُ الْعَقْدُ، فَلاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُ الآيَةِ بِدَعْوَى بِغَيْرِ نَصٍّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ مِنْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَيُّ نِكَاحٍ نَكَحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً بِحَلاَلٍ أَوْ بِحَرَامٍ فَهِيَ حَرَامٌ عَلَى وَلَدِهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ. وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ وَلَدٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِمَّنْ رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّ وَطْءَ الْحَرَامِ يُحَرِّمُ الْحَلاَلَ: رُوِّينَا ذَلِكَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ بَعْدَ أَنْ وَلَدَتْ لَهُ سَبْعَةَ رِجَالٍ كُلُّهُمْ صَارَ رَجُلاً يَحْمِلُ السِّلاَحَ، لأََنَّهُ كَانَ أَصَابَ مِنْ أُمِّهَا مَا لاَ يَحِلُّ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ: لاَ يَصْلُحُ لِرَجُلٍ فَجَرَ بِامْرَأَةٍ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّهَا. وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ قَالَ: قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: إذَا كَانَ الْحَلاَلُ يُحَرِّمُ الْحَرَامَ فَالْحَرَامُ أَشَدُّ تَحْرِيمًا. وَعَنْ ابْنُ مَعْقِلٍ: هِيَ لاَ تَحِلُّ فِي الْحَلاَلِ فَكَيْفَ تَحِلُّ لَهُ فِي الْحَرَامِ وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيع عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إذَا قَبَّلَهَا أَوْ لاَمَسَهَا أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا مِنْ شَهْوَةٍ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا. وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسِيحٍ قَالَ: سَأَلْتُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ رَجُلٍ فَجَرَ بِامْرَأَةٍ فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ أُمَّهَا أَوْ يَتَزَوَّجَهَا فَكَرِهَ ذَلِكَ. وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ: أَنَّهُ سَأَلَ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ فَجَرَ بِامْرَأَةٍ أَيَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ جَارِيَةً أَرْضَعَتْهَا هِيَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: لاَ. وَعَنْ الشَّعْبِيِّ مَا كَانَ فِي الْحَلاَلِ حَرَامًا فَهُوَ فِي الْحَرَامِ حَرَامٌ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فِيمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ أَنَّهُ لاَ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَتَهَا أَبَدًا وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ نَعَمْ، وَلَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: يُرْوَى عَنْ يَحْيَى الْكِنْدِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالاَ جَمِيعًا: مَنْ أَوْلَجَ فِي صَبِيٍّ فَلاَ يَتَزَوَّجُ أُمَّهُ . وَبِهِ يَقُولُ الأَوْزَاعِيُّ حَتَّى، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ لاَطَ بِغُلاَمٍ لَمْ يَحِلَّ لِلْفَاعِلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَةَ الْمَفْعُولِ بِهِ. وقال أبو حنيفة، وَأَصْحَابُهُ، إذَا لَمَسَ لِشَهْوَةٍ حَرَامًا، أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا لِشَهْوَةٍ لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُ أُمِّهَا، وَلاَ ابْنَتِهَا، وَحُرِّمَ نِكَاحُهَا عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ أَبَدًا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ، إِلاَّ أَنَّهُ لاَ يُحَرِّمُ فِيهِ إِلاَّ بِالْوَطْءِ فَقَطْ. وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ: فَلَمْ يُحَرِّمُوا بِوَطْءٍ حَرَامٍ نِكَاحًا حَلاَلاً رُوِّينَا ذَلِكَ أَيْضًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ قَالَ: لاَ يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلاَلَ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالاَ جَمِيعًا: الْحَرَامُ لاَ يُحَرِّمُ الْحَلاَلَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ فَجَرَ بِامْرَأَةٍ فَقَالَ: لاَ يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلاَلَ. وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالاَ جَمِيعًا: لاَ يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلاَلَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَان، وَأَصْحَابِهِمَا، وَأَصْحَابِنَا. قال أبو محمد: احْتَجَّ الْمَانِعُونَ مِنْ ذَلِكَ بِالْقِيَاسِ عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: قال أبو محمد: أَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الآيَةِ فَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ. وَأَمَّا الْخَبَرَانِ فَمُرْسَلاَنِ، وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ، لاَ سِيَّمَا وَفِي أَحَدِهِمَا: انْقِطَاعٌ آخَرُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمِّ الْحَكَمِ مَجْهُولٌ وَفِي الآخَرِ: الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ وَهُوَ هَالِكٌ عَنْ أَبِي هَانِئٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ. وَقَدْ عَارَضَهُمَا خَبَرٌ آخَرُ لاَ نُورِدُهُ احْتِجَاجًا بِهِ، لَكِنْ مُعَارَضَةً لِلْفَاسِدِ بِمَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَحْسَنَ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ دُونَهُ، وَهُوَ مَا رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَمَّنْ اتَّبَعَ امْرَأَةً حَرَامًا أَيَنْكِحُ ابْنَتَهَا أَوْ أُمَّهَا فَقَالَ: لاَ يُحَرِّمُ الْحَرَامُ، وَإِنَّمَا يُحَرِّمُ مَا كَانَ نِكَاحًا حَلاَلاً. وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِأَنْ قَالُوا: مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ، أَوْ امْرَأَتَهُ حَائِضًا، أَوْ إحْدَاهُمَا: مُحْرِمٌ، أَوْ مُعْتَكِفٌ، أَوْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، أَوْ أَمَتَهُ الْوَثَنِيَّةَ، أَوْ ذِمِّيَّةً، عَمْدًا، ذَاكِرًا، فَإِنَّهُ وَطِئَ حَرَامًا، وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ وَطْءٌ مُحَرِّمٌ لأَُمِّهَا وَابْنَتِهَا، وَمُحَرِّمٌ لَهَا عَلَى آبَائِهِ، وَبَنِيهِ، فَكَذَلِكَ كُلُّ وَطْءٍ حَرَامٍ قال أبو محمد: وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا، بَلْ وَطِئَ فِرَاشًا حَلاَلاً، وَإِنَّمَا حُرِّمَ لِعِلَّةٍ لَوْ ارْتَفَعَتْ حَلَّ، وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّهُ لاَ حِلَّ عَلَيْهِ، لأََنَّهُ لَمْ يَطَأْ إِلاَّ زَوْجَتَهُ، أَوْ مِلْكَ يَمِينٍ صَحِيحٍ، فَلاَحَ الْفَرْقُ بَيْنَ الأَمْرَيْنِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِأَنْ قَالُوا: مَنْ وَطِئَ فِي عَقْدٍ فَاسِدٍ بِجَهْلٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فَهُوَ وَطْءٌ مُحَرَّمٌ، وَهُوَ يُحَرِّمُ أُمَّهَا وَابْنَتَهَا، وَيُحَرِّمُهَا عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ. قال أبو محمد: وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي صِحَّتِهِ، لاَ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ مِنْ سُنَّةٍ، وَلاَ حُجَّةَ فِي سِوَاهُمَا وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّهَا حَلاَلٌ لِوَلَدِهِ أَنْ يَنْكِحَهَا، وَحَلاَلٌ لَهُ نِكَاحُ أُمِّهَا وَابْنَتِهَا، لأََنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً لَهُ، وَلاَ مِلْكَ يَمِينٍ، وَلاَ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا، وَلاَ ابْنَتُهَا، وَلاَ تُحَرَّمُ عَلَى وَالِدِهِ، لأََنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ حَلاَئِلِ ابْنِهِ، وَلاَ مِنْ نِسَائِهِ، وَلَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمَا حَلَّ أَنْ يَفْسَخَ نِكَاحَهُ مِنْهَا، وَلَتَوَارَثَا، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ صَحَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نِسَائِهِ، وَإِنَّمَا تُحَرَّمُ عَلَى الأَبْنِ فَقَطْ، لأََنَّهَا مِمَّا نَكَحَ أَبُوهُ إنْ كَانَ وَطِئَهَا، وَإِلَّا فَلاَ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ. وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِأَنْ قَالُوا: مَنْ وَطِئَ أَمَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، فَهُوَ وَطْءٌ حَرَامٌ، وَهِيَ تُحَرَّمُ بِذَلِكَ عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ، وَتُحَرَّمُ عَلَيْهِ أُمُّهَا وَابْنَتُهَا. قال أبو محمد: وَهَذَا بَاطِلٌ، بَلْ هُوَ زِنًى مَحْضٌ وَمَا وَجَدْنَا فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى: امْرَأَةً تَحِلُّ أَنْ يَتَدَاوَلَهَا رَجُلاَنِ، هَذِهِ أَخْلاَقُ الْكِلاَبِ، وَمِلَّةُ الشَّيْطَانِ، لاَ أَخْلاَقُ النَّاسِ، وَلاَ دِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلاَ تَحْرُمُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ أُمُّهَا، وَلاَ ابْنَتُهَا، وَلاَ تُحَرَّمُ عَلَى ابْنِهِ إنَّمَا تُحَرَّمُ عَلَى الأَبِ فَقَطْ، لِمَا قَدَّمْنَا. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَمَوَّهُوا بِأَنْ قَالُوا: إذَا اجْتَمَعَ الْحَرَامُ وَالْحَلاَلُ غُلِبَ الْحَرَامُ، فَقَوْلٌ لاَ يَصِحُّ، وَلاَ جَاءَ بِهِ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ قَطُّ وَيَلْزَمُ مَنْ صَحَّحَ هَذَا الْقَوْلَ أَنْ يَقُولَ: إنَّ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا أَبَدًا، لأََنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ فِيهَا حَرَامٌ وَحَلاَلٌ. وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِحَدِيثِ ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْحَقَهُ بِزَمْعَةَ، وَأَمَرَ سَوْدَةَ بِأَنْ تَحْتَجِبَ عَنْهُ. قال أبو محمد: قَدْ رُمْنَا أَنْ نَفْهَمَ وَجْهَ احْتِجَاجِهِمْ بِهَذَا الْخَبَرِ فَمَا قَدَرْنَا عَلَيْهِ، وَهِيَ شَغِيبَةٌ بَارِدَةٌ مُمَوِّهَةٌ وَالْخَبَرُ صَحِيحٌ ظَاهِرُ الْوَجْهِ، وَهُوَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْحَقَهُ بِزَمْعَةَ بِظَاهِرِ وِلاَدَتِهِ عَلَى فِرَاشِ زَمْعَةَ، وَأَفْتَى أُخْتَهُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها بِأَنْ لاَ يَرَاهَا، خَوْفَ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ نُطْفَةِ أَبِيهَا، وَاحْتِجَابُ الْمَرْأَةِ عَنْ أَخِيهَا شَقِيقِهَا مُبَاحٌ إذَا لَمْ تَقْطَعْ رَحِمَهُ، وَلاَ مَنَعَتْهُ رِفْدَهَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ نَصٌّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَإِذْ قَدْ بَطَلَ كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَلْنَأْتِ بِالْبُرْهَانِ عَلَى صِحَّةِ قَوْلِنَا، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَصَّلَ لَنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا مِنْ الْمَنَاكِحِ إلَى أَنْ أَتَمَّ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى:
|